تأثير العمر على خصوبة النساء والرجال

الوعي: الخطوة الأولى نحو الخصوبة

الخصوبة البشرية عملية معقدة تعتمد على توازن دقيق بين العوامل الهرمونية والجينية والبيئية. ومن أهم العوامل التي تؤثر مباشرة على قدرة الأزواج على الإنجاب هو العمر، سواء لدى النساء أو الرجال.

على الرغم من أن الخصوبة وظيفة طبيعية في الجسم، إلا أن التغيرات الفسيولوجية مع مرور الوقت تقلل تدريجيًا من احتمالية الحمل الطبيعي.


🌸 خصوبة النساء: البداية، الذروة، والانخفاض التدريجي

🔹 ذروة الخصوبة

تبدأ الخصوبة لدى النساء في مرحلة المراهقة وتبلغ ذروتها في العشرينات. في هذه الفترة، تكون جودة وكمية البويضات في أفضل حالاتها، وتبلغ احتمالية الحمل في كل دورة شهرية نحو 20–25٪ (ASRM, 2021).

🔹 انخفاض الخصوبة بعد سن الثلاثين

بعد الثلاثين، يبدأ مخزون المبيض وجودة البويضات في الانخفاض تدريجيًا. وعند سن الخامسة والثلاثين تقريبًا، يصبح هذا الانخفاض أسرع، وتنخفض فرصة الحمل الطبيعي في كل دورة إلى 10–15٪ فقط.
ويرتبط ذلك ليس فقط بتناقص عدد البويضات، بل أيضًا بانخفاض جودتها الجينية، مما يزيد احتمال الإجهاض أو التشوهات الكروموسومية (ESHRE, 2022).

🔹 انقطاع الطمث ونهاية الخصوبة

عندما تنفد البويضات، يتوقف عمل المبيض ويبدأ سن اليأس، حيث يصبح الحمل الطبيعي غير ممكن.
لكن مع التطور الطبي، يمكن للنساء اللاتي جمدن بويضاتهن أو أجنتهن في سن مبكرة أن يحقّقن الحمل لاحقًا تحت إشراف الأطباء.

من المهم التمييز بين الخصوبة (القدرة على إنتاج خلايا تناسلية سليمة) والحمل (زرع الجنين ونموه داخل الرحم). فحتى بعد نهاية الخصوبة الطبيعية، يمكن بفضل تقنيات الإخصاب المساعدة مثل IVF أو نقل الأجنة المجمدة تحقيق الحمل.

يبلغ متوسط عمر انقطاع الطمث حوالي 51 سنة، لكن علامات التراجع تبدأ عادة في أواخر الأربعينات.


🌾 خصوبة الرجال: مستمرة لكنها تتغير

على عكس النساء، يمكن للرجال إنتاج الحيوانات المنوية طوال حياتهم، لكن هذه العملية تتأثر أيضًا بالعمر.

🔹 انخفاض تدريجي في هرمون التستوستيرون

يبدأ مستوى التستوستيرون في الانخفاض بنحو 1٪ سنويًا بعد سن الثلاثين إلى الخامسة والثلاثين (Travison et al., 2017)، مما يؤدي إلى انخفاض الرغبة الجنسية وجودة السائل المنوي وصعوبات في الانتصاب.

🔹 تغيّرات في جودة الحيوانات المنوية

تشير الدراسات إلى أنه بعد سن الأربعين، تبدأ معايير السائل المنوي (الحجم، التركيز، الحركة، الشكل الطبيعي) بالانخفاض التدريجي (Kidd et al., 2001).
كما يزداد معدل تجزؤ الحمض النووي في الحيوانات المنوية، مما يقلل احتمالات الإخصاب ويزيد من خطر الإجهاض واضطرابات وراثية في الأبناء (Wyrobek et al., 2006).

🔹 دورة إنتاج الحيوانات المنوية

ينتج جسم الرجل حيوانات منوية جديدة كل 70–90 يومًا تقريبًا، لكن مع التقدم في العمر تزداد الأخطاء الجينية أثناء الانقسام الخلوي، مما يقلل جودة الخصوبة.


🩺 التأثير المشترك لعمر الزوجين

تُظهر الأبحاث أن الأزواج الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا لديهم فرصة 20–25٪ للحمل شهريًا، بينما تنخفض النسبة إلى 5٪ أو أقل عندما تتجاوز المرأة 35 عامًا أو الرجل 40 عامًا (ASRM, 2021; Dunson et al., 2004).

العمر يؤثر على جودة الأجنة ونسبة نجاح الانغراس ونتائج الحمل.


💡 الوعي لا الخوف

فهم التغيرات الطبيعية في الخصوبة لا يعني القلق، بل هو وسيلة لاتخاذ قرارات مستنيرة.
الوعي يساعد الأزواج على التخطيط، والاستشارة المبكرة، واستخدام تقنيات الإخصاب المساعدة مثل IVF أو IUI أو حتى استخدام بويضات أو حيوانات منوية متبرع بها عند الحاجة.


❤️ الخلاصة

الخصوبة ليست مجرد مسألة بيولوجية، بل هي مزيج من المعرفة والتخطيط والعناية بالجسم.
فهم التغيرات الطبيعية واستشارة الأطباء في الوقت المناسب يمكن أن يجعل رحلة الأبوة والأمومة أكثر وعيًا وأمانًا.

📖 المعرفة هي الخطوة الأولى نحو الرعاية.

ASRM (2021), Age and Fertility: A Guide for Patients
ESHRE (2022), Fertility and Ageing
Dunson et al. (2004), Human Reproduction
Kidd et al. (2001), Fertility and Sterility
Travison et al. (2017), J Clin Endocrinol Metab
Wyrobek et al. (2006), PNAS
NIH (2020), Menopause and Aging: Reproductive Health Overview


موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *